لم يكن من السهل على أمي في بلدى  أن تكون أمّ وحيدة وهو أمر يساء تفسيره في مجتمعاتنا ، وبسبب هذا الوضع يطرح علينا الجميع الكثير من الاسئلة. وكان هذا أمرا مرهقا. ففي العقلية الشرقية تتكون الاسرة من أم وأب وأولاد. وهذا هو النظام المتبع في مجتمعنا وعلى الجميع الانصياع بداخله. ويعتبر وجود أم بمفردها مع طفلها أمر غير طبيعي. وكان الأمر صعبًا من الناحية المالية أيضًا. لكن والدتي كانت تبذل قصارى جهدها ، أحيانًا لا تأكل وتقول « عندما تأكلين، أحس بالشبع  » وصدقتها. لقد بذلت قصارى جهدها أيضًا لتلعب دور الأب، لكنني شعرت دائمًا بنقص وجود الأب في حياتي

في المدرسة الثانوية ، كان لي شغف كبير فى العلوم الانسانية هي الحيز الوحيد الذي يمكنني التفكير فيه بحرية بين أفلاطون وكانط ونيتشه، فكل منهم له طريقته في التفكير. لا يوجد نموذج واحد يجب اتباعه. لذلك قررت التحضير لمسابقة دار المعلمين العليا. وفي بلدي يعتبر النجاح في هذه المناظرة بمثابة الحلم. ولم يكن هناك سوى عشرة أماكن للناجحين في البلد بأكمله وحصلت على المركز الرابع في المناظرة  ! كانت والدتي فخورة للغاية وكان أملها يتحقق.  والنجاح في هذه المسابقة والحصول على وظيفة هو شئيا مهما للغاية. فالجميع يحترمونك

بعد فترة وجيزة من حصولي على وظيفتي ، رُزقت بطفلي الأول. كنت أعيش في شقة مع والدتي. لقد اعتنت أمي بابنتي وعندما أعود إلى المنزل في المساء أجد وجبة الغذاء جاهزة. في تلك اللحظة، شعرت وكأنني على وشك تحقيق حلم حياتي. لكن غادر الأب إلى جنيف للبحث عن عمل. ومنذ هذه اللحظة بدأ الجيران يطرحون الأسئلة مرة ! » لقد تعرضت للكثير من التحرش

علاوة على ذلك ، كانت ابنتي مرتبطة جدًا بوالدها. وفي مرة قضينا بضعة أشهر في جنيف عند زيارة والدها وعدنا بعد ذلك إلى بلدى ، كانت بنتي تبحث عن والدها في كل مكان. كانت لا تريد أن تأكل أو تلعب وكان علينا نقلها إلى المستشفى. آلمني كثيرا هذ الموضوع وكأن الماضي يعيد نفسه، فقلت كفي! وبعد بضعة أشهر، تقدمت بطلب للحصول على تأشيرة مرة أخرى وهذه المرة فكرت في البقاء في جنيف. لم أرغب في أن يواجه أطفالي نفس ظروف حياتي التي واجهتها، حيث نشأوا بعيدًا عن والدهم ويساء فهمهم وتقديرهم. وفي يوم المغادرة، ضممت والدتي بين ذراعي وقلت لها: لا أعرف ما إذا كنا سنرى بعضنا البعض مرة أخرى في غضون بضعة أشهر أو بضع سنوات

عندما غادرت كانت السنة الأولى لي هنا صعبة للغاية. ففي بلدى، كنت دائمًا أحظى بدعم والدتي، لكن هنا لم يكن لدي من يرشدني. وكان أطفالي يمرضون دائمًا من الرطوبة في الشقة الصغيرة التي كنا نعيش فيها، لذلك كنت أقضي وقتي في المستشفى داخل غرفة الطوارئ. ثم قرأت في أحد المواقع الرسمية أن التواجد في سويسرا بدون أوراق هو جريمة لذلك كنت دائمًا أخشى أن يتم القبض عليّ. كانت رؤية الزي الرسمي هو أسوأ شيء بالنسبة لي. ففي البداية، حتى المراقبين الذين يتفقدون مواقف السيارات كانوا يخوفوني (لحظات من الضحك)! والبعض كان يستغل وضعنا. فيرفع مالك شقتنا الإيجار كثيرًا وأحيانًا لا يدفع لنا أرباب العمل أجورنا لأنهم يعلمون أنه لا يمكننا الذهاب إلى الشرطة للإبلاغ عنهم.

والأمر الأكثر غرابه هنا هو أنك ممنوع من العمل طالما لم تكن مسجلاً. لكن من ناحية أخرى، للحصول على تصريح الإقامة، يجب أن يكون لديك وظيفة، ولا تأخذ معونة من مكتب المساعدات الاجتماعية الأوسبيس ولم يتم القبض عليك في خلال هذه الفترة. حتى الأخصائي الاجتماعي لا يفهم هذا النظام! وفي السنة القادمة سيكون مر على إقامتنا خمس سنوات وسأكون أخيرًا قادرة على التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة  . وبما أن لدي وظيفة وإن الأطفال مندمجين جيدًا في المجتمع ولم نتطرق الي مكتب المساعدات الاجتماعية، فعليه يجب أن تسير إجراءات الحصول على الإقامة سريعا. أوشكت على الوصول إلي هدفي! 5 سنوات مروا بدون رؤية والدتي … وعلىّ أن أكون حذرة للغاية خلال الأشهر القليلة القادمة لأنه إذا صدر حكما بحظر إقامتي، فعلى أن أبتدئ كل شيء من جديد. لذلك فلا زلت أشعر بالذعر عندما ألتقي بالشرطة.

وكما ترى ، الحياة ليست سهلة للجميع ، اليس كذلك ! لا يدرك أحد قيمة السير في الشارع بأمان دون خوف من الاعتقال. أقيم هنا في جنيف بشكل أساسي من أجل الأطفال. فلا يوجد مستقبل لديهم في البلدان. ويحاول الشباب في بلادنا الذهاب إلى أوروبا في وقت مبكر جدا عن طريق طرق غير أمنة وخطيرة للغاية. ولا أريد أن يجرب أولادي يومًا ما أيضًا هذا الامر. الآن هم في وطنهم هنا، يذهبون إلى المدرسة هنا، لديهم أصدقائهم هنا. حياتهم هنا. وأشعر أيضًا أنني حققت رغبتي المتمثلة في وجود الأسرة معًا. عندما يعود والدهم إلى المنزل من العمل فهم يلعبون معه وهم سعداء جدًا، وهذا يفرحني كثيرًا. ولم أحظى بمثل هذا الشعور في حياتي كلها.

من ناحية أخرى ، فقدت ممارسة مهنتي المفضلة كما كنت أحلم بها. أنا في الغالب أعمل جليسة للأطفال ولكن أقوم بهذا العمل من أجل دفع الفواتير. وأشعر بالخسارة، وكأنني قد فقدت جزءًا حيويًّا مني.. فقبل أسبوع، قالت لي ابنتي: « عندما أكبر، أرغب في أن يكون لدي زوج، ولكن ليس لدي أطفال حتى لا أعاني مثلك! والله اقسم كنا نضحك مع اصدقائي (لحظات من الضحك)! لكن على الرغم من كل هذه الصعوبات، أنا أشعر بالارتياح هنا. غالبًا ما أكون بمفردي مع الأطفال، ولم يسألني أحد: أين أب الاطفال؟

لم يكن من السهل على أمي في بلدى  أن تكون أمّ وحيدة وهو أمر يساء تفسيره في مجتمعاتنا ، وبسبب هذا الوضع يطرح علينا الجميع الكثير من الاسئلة. وكان هذا أمرا مرهقا. ففي العقلية الشرقية تتكون الاسرة من أم وأب وأولاد. وهذا هو النظام المتبع في مجتمعنا وعلى الجميع الانصياع بداخله. ويعتبر وجود أم بمفردها مع طفلها أمر غير طبيعي. وكان الأمر صعبًا من الناحية المالية أيضًا. لكن والدتي كانت تبذل قصارى جهدها ، أحيانًا لا تأكل وتقول « عندما تأكلين، أحس بالشبع  » وصدقتها. لقد بذلت قصارى جهدها أيضًا لتلعب دور الأب، لكنني شعرت دائمًا بنقص وجود الأب في حياتي

في المدرسة الثانوية ، كان لي شغف كبير فى العلوم الانسانية هي الحيز الوحيد الذي يمكنني التفكير فيه بحرية بين أفلاطون وكانط ونيتشه، فكل منهم له طريقته في التفكير. لا يوجد نموذج واحد يجب اتباعه. لذلك قررت التحضير لمسابقة دار المعلمين العليا. وفي بلدي يعتبر النجاح في هذه المناظرة بمثابة الحلم. ولم يكن هناك سوى عشرة أماكن للناجحين في البلد بأكمله وحصلت على المركز الرابع في المناظرة  ! كانت والدتي فخورة للغاية وكان أملها يتحقق.  والنجاح في هذه المسابقة والحصول على وظيفة هو شئيا مهما للغاية. فالجميع يحترمونك

بعد فترة وجيزة من حصولي على وظيفتي ، رُزقت بطفلي الأول. كنت أعيش في شقة مع والدتي. لقد اعتنت أمي بابنتي وعندما أعود إلى المنزل في المساء أجد وجبة الغذاء جاهزة. في تلك اللحظة، شعرت وكأنني على وشك تحقيق حلم حياتي. لكن غادر الأب إلى جنيف للبحث عن عمل. ومنذ هذه اللحظة بدأ الجيران يطرحون الأسئلة مرة ! » لقد تعرضت للكثير من التحرش

علاوة على ذلك ، كانت ابنتي مرتبطة جدًا بوالدها. وفي مرة قضينا بضعة أشهر في جنيف عند زيارة والدها وعدنا بعد ذلك إلى بلدى ، كانت بنتي تبحث عن والدها في كل مكان. كانت لا تريد أن تأكل أو تلعب وكان علينا نقلها إلى المستشفى. آلمني كثيرا هذ الموضوع وكأن الماضي يعيد نفسه، فقلت كفي! وبعد بضعة أشهر، تقدمت بطلب للحصول على تأشيرة مرة أخرى وهذه المرة فكرت في البقاء في جنيف. لم أرغب في أن يواجه أطفالي نفس ظروف حياتي التي واجهتها، حيث نشأوا بعيدًا عن والدهم ويساء فهمهم وتقديرهم. وفي يوم المغادرة، ضممت والدتي بين ذراعي وقلت لها: لا أعرف ما إذا كنا سنرى بعضنا البعض مرة أخرى في غضون بضعة أشهر أو بضع سنوات

عندما غادرت كانت السنة الأولى لي هنا صعبة للغاية. ففي بلدى، كنت دائمًا أحظى بدعم والدتي، لكن هنا لم يكن لدي من يرشدني. وكان أطفالي يمرضون دائمًا من الرطوبة في الشقة الصغيرة التي كنا نعيش فيها، لذلك كنت أقضي وقتي في المستشفى داخل غرفة الطوارئ. ثم قرأت في أحد المواقع الرسمية أن التواجد في سويسرا بدون أوراق هو جريمة لذلك كنت دائمًا أخشى أن يتم القبض عليّ. كانت رؤية الزي الرسمي هو أسوأ شيء بالنسبة لي. ففي البداية، حتى المراقبين الذين يتفقدون مواقف السيارات كانوا يخوفوني (لحظات من الضحك)! والبعض كان يستغل وضعنا. فيرفع مالك شقتنا الإيجار كثيرًا وأحيانًا لا يدفع لنا أرباب العمل أجورنا لأنهم يعلمون أنه لا يمكننا الذهاب إلى الشرطة للإبلاغ عنهم.

والأمر الأكثر غرابه هنا هو أنك ممنوع من العمل طالما لم تكن مسجلاً. لكن من ناحية أخرى، للحصول على تصريح الإقامة، يجب أن يكون لديك وظيفة، ولا تأخذ معونة من مكتب المساعدات الاجتماعية الأوسبيس ولم يتم القبض عليك في خلال هذه الفترة. حتى الأخصائي الاجتماعي لا يفهم هذا النظام! وفي السنة القادمة سيكون مر على إقامتنا خمس سنوات وسأكون أخيرًا قادرة على التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة  . وبما أن لدي وظيفة وإن الأطفال مندمجين جيدًا في المجتمع ولم نتطرق الي مكتب المساعدات الاجتماعية، فعليه يجب أن تسير إجراءات الحصول على الإقامة سريعا. أوشكت على الوصول إلي هدفي! 5 سنوات مروا بدون رؤية والدتي … وعلىّ أن أكون حذرة للغاية خلال الأشهر القليلة القادمة لأنه إذا صدر حكما بحظر إقامتي، فعلى أن أبتدئ كل شيء من جديد. لذلك فلا زلت أشعر بالذعر عندما ألتقي بالشرطة.

وكما ترى ، الحياة ليست سهلة للجميع ، اليس كذلك ! لا يدرك أحد قيمة السير في الشارع بأمان دون خوف من الاعتقال. أقيم هنا في جنيف بشكل أساسي من أجل الأطفال. فلا يوجد مستقبل لديهم في البلدان. ويحاول الشباب في بلادنا الذهاب إلى أوروبا في وقت مبكر جدا عن طريق طرق غير أمنة وخطيرة للغاية. ولا أريد أن يجرب أولادي يومًا ما أيضًا هذا الامر. الآن هم في وطنهم هنا، يذهبون إلى المدرسة هنا، لديهم أصدقائهم هنا. حياتهم هنا. وأشعر أيضًا أنني حققت رغبتي المتمثلة في وجود الأسرة معًا. عندما يعود والدهم إلى المنزل من العمل فهم يلعبون معه وهم سعداء جدًا، وهذا يفرحني كثيرًا. ولم أحظى بمثل هذا الشعور في حياتي كلها.

من ناحية أخرى ، فقدت ممارسة مهنتي المفضلة كما كنت أحلم بها. أنا في الغالب أعمل جليسة للأطفال ولكن أقوم بهذا العمل من أجل دفع الفواتير. وأشعر بالخسارة، وكأنني قد فقدت جزءًا حيويًّا مني.. فقبل أسبوع، قالت لي ابنتي: « عندما أكبر، أرغب في أن يكون لدي زوج، ولكن ليس لدي أطفال حتى لا أعاني مثلك! والله اقسم كنا نضحك مع اصدقائي (لحظات من الضحك)! لكن على الرغم من كل هذه الصعوبات، أنا أشعر بالارتياح هنا. غالبًا ما أكون بمفردي مع الأطفال، ولم يسألني أحد: أين أب الاطفال؟

Publié le: 3 mai 2023

Partagez sur :

لم يكن من السهل على أمي في بلدى  أن تكون أمّ وحيدة وهو أمر يساء تفسيره في مجتمعاتنا ، وبسبب هذا الوضع يطرح علينا الجميع الكثير من الاسئلة. وكان هذا أمرا مرهقا. ففي العقلية الشرقية تتكون الاسرة من أم وأب وأولاد. وهذا هو النظام المتبع في مجتمعنا وعلى الجميع الانصياع بداخله. ويعتبر وجود أم بمفردها مع طفلها أمر غير طبيعي. وكان الأمر صعبًا من الناحية المالية أيضًا. لكن والدتي كانت تبذل قصارى جهدها ، أحيانًا لا تأكل وتقول « عندما تأكلين، أحس بالشبع  » وصدقتها. لقد بذلت قصارى جهدها أيضًا لتلعب دور الأب، لكنني شعرت دائمًا بنقص وجود الأب في حياتي

في المدرسة الثانوية ، كان لي شغف كبير فى العلوم الانسانية هي الحيز الوحيد الذي يمكنني التفكير فيه بحرية بين أفلاطون وكانط ونيتشه، فكل منهم له طريقته في التفكير. لا يوجد نموذج واحد يجب اتباعه. لذلك قررت التحضير لمسابقة دار المعلمين العليا. وفي بلدي يعتبر النجاح في هذه المناظرة بمثابة الحلم. ولم يكن هناك سوى عشرة أماكن للناجحين في البلد بأكمله وحصلت على المركز الرابع في المناظرة  ! كانت والدتي فخورة للغاية وكان أملها يتحقق.  والنجاح في هذه المسابقة والحصول على وظيفة هو شئيا مهما للغاية. فالجميع يحترمونك

بعد فترة وجيزة من حصولي على وظيفتي ، رُزقت بطفلي الأول. كنت أعيش في شقة مع والدتي. لقد اعتنت أمي بابنتي وعندما أعود إلى المنزل في المساء أجد وجبة الغذاء جاهزة. في تلك اللحظة، شعرت وكأنني على وشك تحقيق حلم حياتي. لكن غادر الأب إلى جنيف للبحث عن عمل. ومنذ هذه اللحظة بدأ الجيران يطرحون الأسئلة مرة ! » لقد تعرضت للكثير من التحرش

علاوة على ذلك ، كانت ابنتي مرتبطة جدًا بوالدها. وفي مرة قضينا بضعة أشهر في جنيف عند زيارة والدها وعدنا بعد ذلك إلى بلدى ، كانت بنتي تبحث عن والدها في كل مكان. كانت لا تريد أن تأكل أو تلعب وكان علينا نقلها إلى المستشفى. آلمني كثيرا هذ الموضوع وكأن الماضي يعيد نفسه، فقلت كفي! وبعد بضعة أشهر، تقدمت بطلب للحصول على تأشيرة مرة أخرى وهذه المرة فكرت في البقاء في جنيف. لم أرغب في أن يواجه أطفالي نفس ظروف حياتي التي واجهتها، حيث نشأوا بعيدًا عن والدهم ويساء فهمهم وتقديرهم. وفي يوم المغادرة، ضممت والدتي بين ذراعي وقلت لها: لا أعرف ما إذا كنا سنرى بعضنا البعض مرة أخرى في غضون بضعة أشهر أو بضع سنوات

عندما غادرت كانت السنة الأولى لي هنا صعبة للغاية. ففي بلدى، كنت دائمًا أحظى بدعم والدتي، لكن هنا لم يكن لدي من يرشدني. وكان أطفالي يمرضون دائمًا من الرطوبة في الشقة الصغيرة التي كنا نعيش فيها، لذلك كنت أقضي وقتي في المستشفى داخل غرفة الطوارئ. ثم قرأت في أحد المواقع الرسمية أن التواجد في سويسرا بدون أوراق هو جريمة لذلك كنت دائمًا أخشى أن يتم القبض عليّ. كانت رؤية الزي الرسمي هو أسوأ شيء بالنسبة لي. ففي البداية، حتى المراقبين الذين يتفقدون مواقف السيارات كانوا يخوفوني (لحظات من الضحك)! والبعض كان يستغل وضعنا. فيرفع مالك شقتنا الإيجار كثيرًا وأحيانًا لا يدفع لنا أرباب العمل أجورنا لأنهم يعلمون أنه لا يمكننا الذهاب إلى الشرطة للإبلاغ عنهم.

والأمر الأكثر غرابه هنا هو أنك ممنوع من العمل طالما لم تكن مسجلاً. لكن من ناحية أخرى، للحصول على تصريح الإقامة، يجب أن يكون لديك وظيفة، ولا تأخذ معونة من مكتب المساعدات الاجتماعية الأوسبيس ولم يتم القبض عليك في خلال هذه الفترة. حتى الأخصائي الاجتماعي لا يفهم هذا النظام! وفي السنة القادمة سيكون مر على إقامتنا خمس سنوات وسأكون أخيرًا قادرة على التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة  . وبما أن لدي وظيفة وإن الأطفال مندمجين جيدًا في المجتمع ولم نتطرق الي مكتب المساعدات الاجتماعية، فعليه يجب أن تسير إجراءات الحصول على الإقامة سريعا. أوشكت على الوصول إلي هدفي! 5 سنوات مروا بدون رؤية والدتي … وعلىّ أن أكون حذرة للغاية خلال الأشهر القليلة القادمة لأنه إذا صدر حكما بحظر إقامتي، فعلى أن أبتدئ كل شيء من جديد. لذلك فلا زلت أشعر بالذعر عندما ألتقي بالشرطة.

وكما ترى ، الحياة ليست سهلة للجميع ، اليس كذلك ! لا يدرك أحد قيمة السير في الشارع بأمان دون خوف من الاعتقال. أقيم هنا في جنيف بشكل أساسي من أجل الأطفال. فلا يوجد مستقبل لديهم في البلدان. ويحاول الشباب في بلادنا الذهاب إلى أوروبا في وقت مبكر جدا عن طريق طرق غير أمنة وخطيرة للغاية. ولا أريد أن يجرب أولادي يومًا ما أيضًا هذا الامر. الآن هم في وطنهم هنا، يذهبون إلى المدرسة هنا، لديهم أصدقائهم هنا. حياتهم هنا. وأشعر أيضًا أنني حققت رغبتي المتمثلة في وجود الأسرة معًا. عندما يعود والدهم إلى المنزل من العمل فهم يلعبون معه وهم سعداء جدًا، وهذا يفرحني كثيرًا. ولم أحظى بمثل هذا الشعور في حياتي كلها.

من ناحية أخرى ، فقدت ممارسة مهنتي المفضلة كما كنت أحلم بها. أنا في الغالب أعمل جليسة للأطفال ولكن أقوم بهذا العمل من أجل دفع الفواتير. وأشعر بالخسارة، وكأنني قد فقدت جزءًا حيويًّا مني.. فقبل أسبوع، قالت لي ابنتي: « عندما أكبر، أرغب في أن يكون لدي زوج، ولكن ليس لدي أطفال حتى لا أعاني مثلك! والله اقسم كنا نضحك مع اصدقائي (لحظات من الضحك)! لكن على الرغم من كل هذه الصعوبات، أنا أشعر بالارتياح هنا. غالبًا ما أكون بمفردي مع الأطفال، ولم يسألني أحد: أين أب الاطفال؟

لم يكن من السهل على أمي في بلدى  أن تكون أمّ وحيدة وهو أمر يساء تفسيره في مجتمعاتنا ، وبسبب هذا الوضع يطرح علينا الجميع الكثير من الاسئلة. وكان هذا أمرا مرهقا. ففي العقلية الشرقية تتكون الاسرة من أم وأب وأولاد. وهذا هو النظام المتبع في مجتمعنا وعلى الجميع الانصياع بداخله. ويعتبر وجود أم بمفردها مع طفلها أمر غير طبيعي. وكان الأمر صعبًا من الناحية المالية أيضًا. لكن والدتي كانت تبذل قصارى جهدها ، أحيانًا لا تأكل وتقول « عندما تأكلين، أحس بالشبع  » وصدقتها. لقد بذلت قصارى جهدها أيضًا لتلعب دور الأب، لكنني شعرت دائمًا بنقص وجود الأب في حياتي

في المدرسة الثانوية ، كان لي شغف كبير فى العلوم الانسانية هي الحيز الوحيد الذي يمكنني التفكير فيه بحرية بين أفلاطون وكانط ونيتشه، فكل منهم له طريقته في التفكير. لا يوجد نموذج واحد يجب اتباعه. لذلك قررت التحضير لمسابقة دار المعلمين العليا. وفي بلدي يعتبر النجاح في هذه المناظرة بمثابة الحلم. ولم يكن هناك سوى عشرة أماكن للناجحين في البلد بأكمله وحصلت على المركز الرابع في المناظرة  ! كانت والدتي فخورة للغاية وكان أملها يتحقق.  والنجاح في هذه المسابقة والحصول على وظيفة هو شئيا مهما للغاية. فالجميع يحترمونك

بعد فترة وجيزة من حصولي على وظيفتي ، رُزقت بطفلي الأول. كنت أعيش في شقة مع والدتي. لقد اعتنت أمي بابنتي وعندما أعود إلى المنزل في المساء أجد وجبة الغذاء جاهزة. في تلك اللحظة، شعرت وكأنني على وشك تحقيق حلم حياتي. لكن غادر الأب إلى جنيف للبحث عن عمل. ومنذ هذه اللحظة بدأ الجيران يطرحون الأسئلة مرة ! » لقد تعرضت للكثير من التحرش

علاوة على ذلك ، كانت ابنتي مرتبطة جدًا بوالدها. وفي مرة قضينا بضعة أشهر في جنيف عند زيارة والدها وعدنا بعد ذلك إلى بلدى ، كانت بنتي تبحث عن والدها في كل مكان. كانت لا تريد أن تأكل أو تلعب وكان علينا نقلها إلى المستشفى. آلمني كثيرا هذ الموضوع وكأن الماضي يعيد نفسه، فقلت كفي! وبعد بضعة أشهر، تقدمت بطلب للحصول على تأشيرة مرة أخرى وهذه المرة فكرت في البقاء في جنيف. لم أرغب في أن يواجه أطفالي نفس ظروف حياتي التي واجهتها، حيث نشأوا بعيدًا عن والدهم ويساء فهمهم وتقديرهم. وفي يوم المغادرة، ضممت والدتي بين ذراعي وقلت لها: لا أعرف ما إذا كنا سنرى بعضنا البعض مرة أخرى في غضون بضعة أشهر أو بضع سنوات

عندما غادرت كانت السنة الأولى لي هنا صعبة للغاية. ففي بلدى، كنت دائمًا أحظى بدعم والدتي، لكن هنا لم يكن لدي من يرشدني. وكان أطفالي يمرضون دائمًا من الرطوبة في الشقة الصغيرة التي كنا نعيش فيها، لذلك كنت أقضي وقتي في المستشفى داخل غرفة الطوارئ. ثم قرأت في أحد المواقع الرسمية أن التواجد في سويسرا بدون أوراق هو جريمة لذلك كنت دائمًا أخشى أن يتم القبض عليّ. كانت رؤية الزي الرسمي هو أسوأ شيء بالنسبة لي. ففي البداية، حتى المراقبين الذين يتفقدون مواقف السيارات كانوا يخوفوني (لحظات من الضحك)! والبعض كان يستغل وضعنا. فيرفع مالك شقتنا الإيجار كثيرًا وأحيانًا لا يدفع لنا أرباب العمل أجورنا لأنهم يعلمون أنه لا يمكننا الذهاب إلى الشرطة للإبلاغ عنهم.

والأمر الأكثر غرابه هنا هو أنك ممنوع من العمل طالما لم تكن مسجلاً. لكن من ناحية أخرى، للحصول على تصريح الإقامة، يجب أن يكون لديك وظيفة، ولا تأخذ معونة من مكتب المساعدات الاجتماعية الأوسبيس ولم يتم القبض عليك في خلال هذه الفترة. حتى الأخصائي الاجتماعي لا يفهم هذا النظام! وفي السنة القادمة سيكون مر على إقامتنا خمس سنوات وسأكون أخيرًا قادرة على التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة  . وبما أن لدي وظيفة وإن الأطفال مندمجين جيدًا في المجتمع ولم نتطرق الي مكتب المساعدات الاجتماعية، فعليه يجب أن تسير إجراءات الحصول على الإقامة سريعا. أوشكت على الوصول إلي هدفي! 5 سنوات مروا بدون رؤية والدتي … وعلىّ أن أكون حذرة للغاية خلال الأشهر القليلة القادمة لأنه إذا صدر حكما بحظر إقامتي، فعلى أن أبتدئ كل شيء من جديد. لذلك فلا زلت أشعر بالذعر عندما ألتقي بالشرطة.

وكما ترى ، الحياة ليست سهلة للجميع ، اليس كذلك ! لا يدرك أحد قيمة السير في الشارع بأمان دون خوف من الاعتقال. أقيم هنا في جنيف بشكل أساسي من أجل الأطفال. فلا يوجد مستقبل لديهم في البلدان. ويحاول الشباب في بلادنا الذهاب إلى أوروبا في وقت مبكر جدا عن طريق طرق غير أمنة وخطيرة للغاية. ولا أريد أن يجرب أولادي يومًا ما أيضًا هذا الامر. الآن هم في وطنهم هنا، يذهبون إلى المدرسة هنا، لديهم أصدقائهم هنا. حياتهم هنا. وأشعر أيضًا أنني حققت رغبتي المتمثلة في وجود الأسرة معًا. عندما يعود والدهم إلى المنزل من العمل فهم يلعبون معه وهم سعداء جدًا، وهذا يفرحني كثيرًا. ولم أحظى بمثل هذا الشعور في حياتي كلها.

من ناحية أخرى ، فقدت ممارسة مهنتي المفضلة كما كنت أحلم بها. أنا في الغالب أعمل جليسة للأطفال ولكن أقوم بهذا العمل من أجل دفع الفواتير. وأشعر بالخسارة، وكأنني قد فقدت جزءًا حيويًّا مني.. فقبل أسبوع، قالت لي ابنتي: « عندما أكبر، أرغب في أن يكون لدي زوج، ولكن ليس لدي أطفال حتى لا أعاني مثلك! والله اقسم كنا نضحك مع اصدقائي (لحظات من الضحك)! لكن على الرغم من كل هذه الصعوبات، أنا أشعر بالارتياح هنا. غالبًا ما أكون بمفردي مع الأطفال، ولم يسألني أحد: أين أب الاطفال؟

Publié le: 3 mai 2023

Partagez sur :